العدول عنه إلى غيره، كما تقدم خلافًا لمن قال بغير ذلك. والعلم عند الله تعالى.
هذا هو حاصل ما يتعلق بالدماء الواجبة بغير النذر مع كونها منصوصًا عليها في القرآن.
أما الدماء التي لم يذكر حكمها في القرآن، وقد قاسها العلماء على المذكورة في القرآن، فمنها: دم الفوات. فقد روى مالك في الموطأ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه أمر أبا أيوب الأنصاري، وهبار بن الأسود حين فاتهما الحج، وأتيا يوم النحر أن يحلا بعمرة، ثم يرجعا حلالًا، ثم يحجان عامًا قابلًا، ويهديان، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله. انتهى محل الغرض منه.
فقد قاس عمر بن الخطاب رضي الله عنه دم الفوات على دم التمتع حيث قال: فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله. وقول عمر ثلاثة في الحج لا يظهر في الفوات؛ لأن الفوات لا يتحقق إلا بانتهاء ليلة النحر، اللهم إلا إن كان عاقه عائق - وهو بعيد - بحيث لو سار ثلاثة أيام لم يدرك عرفة ليلة النحر، فحينئذٍ قد يصومها وكأنه في الحج؛ لأنه لم يحصل له الفوات فعلًا، وإن كان الفوات محققًا وقوعه في المستقبل. ووجه قياس دم الفوات على دم التمتع حتى صار بدله من الصوم كبدله. ذكره ابن قدامة في المغني قائلًا: إن هدي التمتع إنما وجب للترفه بترك أحد السفرين وقضائه النسكين في سفر واحد، فيقاس عليه دم من فاته الحج بجامع أنه ترك بعض ما اقتضاه إحرامه، فصار كالتارك لأحد السفرين. انتهى محل الغرض منه. ولا يظهر عندي كل الظهور.