ثم قال في المغني: فإن قيل: فهلا ألحقتموه بهدي الإِحصار فإنه أشبه به، إذ هو حلال من إحرامه قبل إتمامه.
قلنا: الهدي فيهما سواء. وأما البدل فإن الإحصار ليس بمنصوص على البدل فيه، وإنما ثبت قياسًا، فقياس هذا على الأصل المنصوص عليه أولى من قياسه على فرعه. على أن الصيام هاهنا مثل الصيام عن دم الإِحصار، وهو عشرة أيام أيضًا، إلا أن صيام الإِحصار يجب أن يكون قبل حله، وهذا يجوز فعله قبل حله وبعده. وهو أيضًا مفارق لصوم المتعة، لأن الثلاثة في المتعة يستحب أن يكون آخرها يوم عرفة، وهذا يكون بعد فوات عرفة. والخرقي إنما جعل الصوم عن هدي الفوات مثل الصوم عن جزاء الصيد، عن كل مد يومًا. والمروي عن عمر وابنه مثل ما ذكرنا. ويقاس عليه أيضًا كل دم وجب لترك واجب، كدم القران، وترك الإِحرام من الميقات، والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس، والمبيت بمزدلفة، والرمي، والمبيت ليالي منى بها، وطواف الوداع. فالواجب فيه ما استيسر من الهدي، فإن لم يجد فصيام عشرة أيام.
وأما من أفسد حجه بالجماع، فالواجب فيه بدنة بقول الصحابة المنتشر الذي لم يظهر خلافه، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع، كصيام المتعة. كذا قال عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمرو رواه عنهم الأثرم، ولم يظهر في الصحابة خلافهم، فيكون إجماعًا، فيكون بدله مقيسًا على بدل دم المتعة.
وقال أصحابنا: يقوم البدنة بدراهم، ثم يشتري بها طعامًا، فيطعم كل مسكين مدًا، ويصوم عن كل مد يومًا، فتكون ملحقة