للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له الإِحلال منها مطلقًا، ولا حجة في قوله: "لما سقت الهدي" لأنه ساقه لقران، لا لعمرة مفردة عن الحج.

وقال النووي: فإن قيل: قد ثبت في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنه قالت: خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، في حجة الوداع فمنا من أهلّ بعمرة، ومنا من أهلّ بحجة، حتى قدمنا مكة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من أحرم بعمرة ولم يهد فليحلل، ومن أحرم بعمرة وأهدى فلا يتحلل حتى ينحر هديه، ومن أهل بحجة فليتم حجه".

فالجواب: أن هذه الرواية مختصرة من روايتين ذكرهما مسلم قبل هذه الرواية، وبعدها قالت: "خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "من كان معه هدي فليهلل بالحج مع العمرة، ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعًا" فهذه الرواية مفسرة للأولى. ويتعين هذا التأويل، لأن القصة واحدة فصحت الروايات. انتهى منه.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: ومما يؤيد ما ذكرنا عن النووي أن رواية حديث عائشة المذكورة التي قال: إنها يجب تأويلها بتفسيرها بالروايات الصحيحة الأخرى فيها ما لفظه: "ومن أهل بحجة فليتم حجه"؛ لكثرة الروايات الصحيحة المتفق عليها عن جماعة من الصحابة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر كل من أحرم بحج مفردًا، ولم يسق هديًا أن يفسخ حجه في عمرة، ويحل منها الحل كله. فعلم أن قولها: ومن أهل بحجة فليتم حجته: يجب تأويله، وتفسيره بالروايات الأخرى الصحيحة، كما قال النووي.

وقول من قال: إن سوق الهدي في عمرته يمنعه من الإِحلال منها حتى ينحر يوم النحر له وجه قوي من النظر، لدخوله في ظاهر