الأشياء المنتفع بها، ولو كانت كفلوسنا الحالية على تسليم أنها لا منفعة فيها أصلا، لما قالوا بالجواز؛ لأن ما هو سند لا شك أن المبيع فيه ما هو سند به، لا نفس السند. ولذا لم يختلف الصدر الأول في أن المبيع في بيع الصكاك الذي ذكره مسلم في الصحيح وغيره أنه الرزق المكتوب فيها، لا نفس الصكاك التي هي الأوراق التي هي سند بالأرزاق.
والثاني: أن هناك فرقا بينهما في الجملة وهو أن الفلوس الحديدية لا يتعامل بها بالعرف الجاري قديما وحديثا إلا في المحقرات، فلا يشترى بها شيء له بال، بخلاف الأوراق، فدل على أنها أقرب للفضة من الفلوس.
الثالث: أنا لو فرضنا أن كلا من الأمرين محتمل فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ويقول: "فمن ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" ويقول: "والإثم ما حاك في النفس" الحديث وقال الناظم:
"وذو احتياط في أمور الدين ... من فرض شك إلى يقين"
وقد قدمنا مرارا أن ما دل على التحريم مقدم على ما دل على الإباحة؛ لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام، ولا سيما تحريم الربا الذي صرح الله تعالى بأن مرتكبه محارب الله، وثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعنه.
ومن أنواع الربا ما اختلف العلماء في منعه كما إذا كان البيع ظاهره الحلية، ولكنه يمكن أن يكون مقصودا به التوصل إلى الربا