للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العالم المشهور عليش المصري صاحب النوازل، وشرح مختصر خليل، وتبعه في فتواه بذلك كثير من متأخري علماء المالكية.

قال مقيده - عفا الله عنه -: الذي يظهر لي -والله تعالى أعلم- أنها ليست كعروض التجارة، وأنها سند بفضة، وأن المبيع الفضة التي هي سند بها. ومن قرأ المكتوب عليها فهم صحة ذلك، وعليه فلا يجوز بيعها بذهب ولا فضة ولو يدا بيد؛ لعدم المناجزة بسبب غيبة الفضة المدفوع سندها؛ لأنها ليست متمولة ولا منفعة في ذاتها أصلا.

فإن قيل: لا فرق بين الأوراق، وبين فلوس الحديد؛ لأن كلا منهما ليس متمولا في ذاته مع أنه رائج بحسب ما جعله له السلطان من المعاملة، فالجواب من ثلاثة أوجه:

الأول: أنا إذا حققنا أن الفلوس الحديدية الحالية لا منفعة فيها أصلا، وأن حقيقتها سند بفضة، فما المانع من أن نمنع فيها الربا مع النقد، والنصوص صريحة في منعه بين النقدين، وليس هناك إجماع يمنع إجراء النصوص على ظواهرها، بل مذهب مالك أن فلوس الحديد لا تجوز بأحد النقدين نسيئة فسلم الدراهم في الفلوس كالعكس ممنوع عندهم.

وما ورد عن بعض العلماء مما يدل على أنه لا ربا بين النقدين وبين فلوس الحديد، فإنه محمول على أن ذلك الحديد الذي منه تلك الفلوس فيه منافع الحديد المعروفة المشار إليها بقوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} فلو جمعت تلك الفلوس وجعلت في النار لعمل منها ما يعمل من الحديد من