للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معين. والغرض المقصود شرعًا حاصل ولو لم يجمع الهدي بين حل وحرم. وجمع هديه - صلى الله عليه وسلم - بين الحل والحرم محتمل للأمر الجبلي، فلا يتمحض لقصد التشريع؛ لأن تحصيل الهدي أسهل عليه من بلده، ولأن الإِبل التي قدم بها علي من اليمن تيسر له وجودها هناك. واللَّه جل وعلا أعلم. فحصول الهدي في الحل يشبه الوصف الطردي؛ لأنه لم يتضمن مصلحة كما ترى. والعلم عند الله تعالى.

ولا خلاف بين أهل العلم في أن المهدي إن اضطر لركوب البدنة المهداة في الطريق أن له أن يركبها؛ لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يسوق بدنة، فقال: اركبها. قال: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنها بدنة، فقال: اركبها ويلك في الثانية، أو في الثالثة" هذا لفظ مسلم. ولفظ البخاري فقال: "اركبها فقال: إنها بدنة فقال: اركبها، قال: إنها بدنة فقال: ويلك في الثانية أو في الثالثة" وروى مسلم نحوه عن أنس، وجابر رضي الله عنهما.

واعلم: أن أهل العلم اختلفوا في ركوب الهدي، فذهب بعضهم إلى أنه يجوز للضرورة دون غيرها، وهو مذهب الشافعي. قال النووي: وبه قال ابن المنذر، وهو رواية عن مالك. وقال عروة بن الزبير، ومالك، وأحمد، وإسحاق: له ركوب من غير حاجة بحيث لا يضره. وبه قال أهل الظاهر. وقال أبو حنيفة: لا يركبه إلَّا إن لم يجد منه بدًا. وحكى القاضي عن بعض العلماء أنه أوجب ركوبها لمطلق الأمر، ولمخالفة ما كانت الجاهلية عليه من إهمال السائبة والبحيرة والوصيلة والحام.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر الأقوال دليلًا عندي في