عنده في الهدي أن يجمع به بين الحل والحرم، فإن اشتراه في الحرم لزمه إخراجه إلى الحل، والرجوع به إلى الحرم وذبحه فيه. وإنما قلنا: إن الظاهر لنا في هذه المسألة عدم اشتراط جمع الهدي بين الحل والحرم لثلاثة أمور:
الأول: أنه لم يرد نص بذلك يجب الرجوع إليه.
الثاني: أن المقصود من الهدي نفع فقراء الحرم، ولا فائدة لهم في جمعه بين الحل والحرم.
الثالث: أنه قول أكثر أهل العلم.
وقال جماعة من أهل العلم: يستحب أن يكون الهدي معه من بلده، فإن لم يفعل فشراؤه من الطريق أفضل من شرائه من مكة، ثم من مكة، ثم من عرفات، فإن لم يسقه أصلًا، بل اشتراه من منى جاز، وحصل الهدي. اهـ.
وهذا هو الظاهر. واحتج من قال بأنه لا بد أن يجمع بين الحل والحرم بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يهد هديًا إلا جامعًا بين الحل والحرم؛ لأنه يساق من الحل إلى الحرم، وأن ذلك هو ظاهر قوله تعالى:{وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره أن ابن عمر اشترى هديه من الطريق. ونحو ذلك من الأدلة. ولا شك أن سوق الهدي من الحل إلى الحرم أفضل، ولا يقل عن درجة الاستحباب، كما ذكرنا عن بعض أهل العلم. أما كونه لا يجزئ بدون ذلك، فإنه يحتاج إلى دليل خاص، ولا دليل يجب الرجوع إليه يقتضي ذلك؛ لأن الذي دل عليه الشرع أن المقصود التقرب إلى الله بما رزقهم من بهيمة الأنعام في مكان معين، في زمن