واعلم: أن التحقيق الذي عليه جمهور أهل العلم أن من أراد النسك لا يصير محرمًا بمجرد تقليد الهدي، ولا يجب عليه بذلك شيء خلافًا لما حكاه ابن المنذر عن الثوري، وأحمد، وإسحاق من أنه يصير محرمًا بمجرد تقليد الهدي، وخلافًا لأصحاب الرأي في قولهم: إن من ساق الهدي، وأم البيت، ثم قلد وجب عليه الإِحرام؛ لأن إيجاب الإِحرام يحتاج إلى دليل يجب الرجوع إليه.
وقد دلت النصوص: على أنه لا يجب إلا إذا بلغ الميقات وأراد مجاوزته كما هو معلوم. والعلم عند الله تعالى.
تنبيه
الظاهر: أن التحقيق أنه لا يشترط في الهدي أن يجمع به بين الحل والحرم، فلو اشتراه من منى ونحره بها من غير أن يخرجه إلى الحل أجزأه.
قال النووي في شرح المهذب: وهو مذهبنا. وبه قال ابن عباس، وأبو حنيفة، وأبو ثور، والجمهور. قال ابن عمر، وسعيد بن جبير: لا هدي إلَّا ما أحضر عرفات.
وقال ابن قدامة في المغني: وليس من شرط الهدي أن يجمع فيه بين الحل، والحرم، ولا أن يقفه بعرفة، ولكن يستحب ذلك. وروي هذا عن ابن عباس. وبه قال الشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وكان ابن عمر لا يرى الهدي إلَّا ما عرف به. ونحوه، عن سعيد بن جبير. اهـ. محل الغرض منه.
ومعلوم أن مذهب مالك أنه لا يذبح هدي التمتع والقران بمنى إلَّا إذا وقف به بعرفة، وإن لم يقف به بعرفة ذبحه في مكة. ولا بد