للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي، ثم قلدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيديه، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء أحله الله حتى نحر الهدي.

وحديث عائشة المذكور عند البخاري أخرجه مسلم بألفاظ كثيرة معناها واحد، إلا أن فيه: أن الذي سأل عائشة ابن زياد. والصواب ما في البخاري من أن الذي كتب إليها يسألها هو زياد بن أبي سفيان المعروف بزياد بن أبيه، كما نبه عليه غير واحد، فما في مسلم من كونه ابن زياد وهم من بعض الرواة. وقد قدمنا مرارًا أن السنَّة الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - ثبوتًا لا مطعن فيه يجب تقديمها على قول كل عالم ولو بلغ ما بلغ من العلم والدين. وبه تعلم أن التحقيق أن من بعث بهدي، وأقام في بلده لا يحرم عليه شيء بإرسال هديه، وأن ما خالفه ذلك لا يلتفت إليه، وإن زعم جماعة أنه مروي عن عمر، وابنه، وعلي، وقيس بن سعد بن عبادة، وسعيد بن جبير، وابن سيرين، وعطاء، والنخعي، ومجاهد؛ لأن السنَّة الصحيحة مقدمة على أقوال كل العلماء، وكذلك ما قاله سعيد بن المسيب من أنه لا يجتنب إلَّا الجماع ليلة جمع، وهي ليلة النحر لا يلتفت إليه، للحديث الصحيح المتفق عليه المذكور آنفًا. والحديث الذي رواه الطحاوي وغيره من طريق عبد الملك بن جابر، عن أبيه الدال على أنه يحرم عليه ما يحرم على الحاج ضعيف، كما ذكره الحافظ في الفتح، فلا يعارض به الحديث المتفق عليه.

وذكر ابن حجر في الفتح عن الزهري ما يدل على أن الأمر استقر على حديث عائشة لما بينت به سنَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ورجع الناس عن فتوى ابن عباس. والعلم عند الله تعالى.