للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الركوب المباح للضرورة ونقصها ذلك فعليه قيمة النقص يتصدق بها. وله وجه من النظر. والعلم عند الله تعالى.

وإنما قلنا: إن الظاهر أنه لا فرق في الحكم المذكور بين الهدي الواجب وغيره؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال لصاحب البدنة: "اركبها" وهي مقلدة نعلًا، وقد صرح له تصريحًا مكررًا بأنها بدنة، ولم يستفصله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، هل تلك البدنة من الهدي الواجب أو غيره؟ وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال كما تقدم إيضاحه مرارًا. وقد أشار إليه في مراقي السعود بقوله:

ونزلن ترك الاستفصال ... منزلة العموم في الأقوال

مسألة في حكم الهدي إذا عطب في الطريق أو بعد بلوغ محله

اعلم أولًا أن الصواب الذي لا ينبغي العدول عنه أن من بعث معه هدي إلى الحرم فعطب في الطريق قبل بلوغ محله أنه ينحره ثم يصبغ نعليه في دمه، ويضرب بالنعل المصبوغ بالدم صفحة سنامها، ليعلم من مر بها أنها هدي، ويخلى بينها وبين الناس، ولا يأكل منها هو، ولا أحد من أهل رفقته المرافقين له في سفره.

وإنما قلنا: إن هذا هو الصواب الذي لا ينبغي العدول عنه؛ لثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح، فقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما ما لفظه "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بست عشرة بدنة، مع رجل وامرأة فيها قال: فمضى ثم رجع فقال: يا رسول الله كيف أصنع بما أبدع علي منها؟ قال: انحرها، ثم اصبغ نعليها في