دمها، ثم اجعله على صفحتها، ولا تأكل منها أنت، ولا أحد من أهل رفقتك". انتهى من صحيح مسلم.
وفي رواية في صحيح مسلم عن ابن عباس "أن ذؤيبًا أبا قبيصة حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث معه بالبدن ثم يقول: إن عطب شيء منها فخشيت عليه موتًا فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب بها صفحتها، ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك". انتهى منه.
وقوله: كيف أصنع بما أبدع منها: هو بضم الهمزة، وإسكان الباء، وكسر الدال بصيغة المبني للمفعول، أي: كل وأعيى حتى وقف من الإِعياء. فهذا النص الصحيح لا يلتفت معه إلى قول من قال: إن رفقته لهم الأكل مع جملة المساكين؛ لأنه مخالف للنص الصحيح، ولا قول لأحد مع السنة الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - ، كما أوضحنا مرارًا.
والظاهر أن علة منعه ومنع رفقته هو سد الذريعة؛ لئلا يتوصل هو أو بعض رفقته إلى نحره بدعوى أنه عطب، أو بالتسبب له في ذلك؛ للطمع في أكل لحمه؛ لأنه صار للفقراء، وهم يعدون أنفسهم من الفقراء ولو لم يبلغ محله. والظاهر: أنه لا يجوز الأكل منه للأغنياء، بل للفقراء. واللَّه أعلم.
فإن قيل: روى أصحاب السنن عن ناجية الأسلمي "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث معه بهدي فقال: إن عطب فانحره، ثم اصبغ نعله في دمه، ثم خلِّ بينه وبين الناس". اهـ. وظاهر قوله "وبين الناس" يشمل بعمومه سائق الهدي ورفقته.