قضاء الدين بغير التالف؛ لأنه تلف في ذمته. وإن تعيب الهدي المذكور قبل بلوغه محله، فعليه بدله سليمًا ويفعل بالذي تعيب ما شاء؛ لأنه لم يزل في ملكه، وضمانه. والذي يظهر أن له التصرف فيه ولو لم يعطب، ولم يتعيب؛ لأن مجرد نية إهدائه عن الهدي الواجب لا ينقل ملكه عنه، والهدي المذكور لازم له في ذمته، حتى يوصله إلى مستحقه. والظاهر: أن له نماءه.
وأما الحالة الثانية: وهي ما إذا نواه وعينه بالقول كأن يقول: هذا هو الهدي الواجب علي - والظاهر أن الإِشعار والتقليد كذلك - فالظاهر أنه يتعين الوجوب فيه من غير أن تبرأ الذمة، فليس له التصرف فيه ما دام سليمًا، وإن عطب أو سرق أو ضل أو نحو ذلك لم يجزه، وعاد الوجوب إلى ذمته، فيجب عليه هدي آخر؛ لأن الذمة لا تبرأ بمجرد التعيين بالنية والقول، أو التقليد والإِشعار. والظاهر أنه إن عطب فعل به ما شاء؛ لأن الهدي لازم في ذمته، وهذا الذي عطب صار كأنه شيء من ماله، لا حق فيه لفقراء الحرم، لأن حقهم باق في آلذمة، فله بيعه وأكله، وكل ما شاء. وعلى هذا جمهور أهل العلم. وعن مالك يأكل ويطعم من شاء من الأغنياء والفقراء، ولا يبيع منه شيئًا، وإن بلغ الهدي محله فذبحه وسرق فلا شيء عليه عند أحمد.
قال في المغني: وبهذا قال الثوري وابن القاسم صاحب مالك، وأصحاب الرأي. وقال الشافعي: عليه الإِعادة؛ لأنه لم يوصل الحق إلى مستحقه، فأشبه ما لو لم يذبحه. ولنا أنه أدى الواجب عليه، فبرئ منه كما لو فرقه. ودليل أنه أدى الواجب أنه لم يبق إلَّا التفرقة، وليست واجبة، بدليل أنه لو خلي بينه، وبين الفقراء أجزأه.