للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستدلال بحديث عائشة المتفق عليه المذكور آنفًا لا تنهض به الحجة على مالك وأصحابه.

ووجه كون مذهب مالك أرجح في نظرنا هنا مما ذهب إليه جمهور أهل العلم هو أن القرآن العظيم دال عليه، ولم يثبت ما يخالف دلالة القرآن عليه سالمًا من المعارض من كتاب أو سنة.

ووجه دلالة القرآن على أن ما يذبحه الحاج بمنى: هدي، لا أضحية هو ما قدمناه موضحًا؛ لأن قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا} الآية. فيه معنى: أذن في الناس بالحج: يأتوك مشاة وركبانًا لحكم. منها. شهودهم منافع لهم، ومنها: ذكرهم اسم الله: {عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ} عند ذبحها تقربًا إلى الله والذي يكون من حكم التأذين فيهم بالحج حتى يأتوا مشاة وركبانًا، ويشهدوا المنافع ويتقربوا بالذبح إنما هو الهدي خاصة، دون الأضحية؛ لإِجماع العلماء على أن للمضحي أن يذبح أضحيته في أي مكان شاءه من أقطار الدنيا، ولا يحتاج في التقرب بالأضحية إلى إتيانهم مشاة وركبانًا من كل فج عميق. فالآية ظاهرة في الهدي، دون الأضحية، وما كان القرآن أظهر فيه وجب تقديمه على غيره.

أما الاحتجاج بحديث عائشة المتفق عليه: "أنه ضحى ببقر عن نسائه يوم النحر صلوات الله وسلامه عليه" فلا تنهض به الحجة، لكثرة الأحاديث الصحيحة المصرحة بأنهن متمتعات، وأن ذلك البقر هدي واجب، وهو هدي التمتع المنصوص عليه في القرآن، وأن عائشة منهن قارنة، والبقر التي ذبحت عنها هدي قران، سواء قلنا: