إنها استقلت بذبح بقرة عنها وحدها، كما قدمناه في بعض الروايات الصحيحة، أو كان بالاشتراك مع غيرها في بقرة، كما قال به بعضهم. وأكثر الروايات ليس فيها لفظ: ضحى، بل فيها: أهدى. وفيها: ذبح عن نسائه. وفيها: نحر عن نسائه فلفظ ضحى من تصرف بعض الرواة للجزم بأن ما ذبح عنهن من البقر يوم النحر بمنى هدي تمتع بالنسبة لغير عائشة، وهدي قران بالنسبة إليهما، كما هو معلوم بالأحاديث الصحيحة التي لا نزاع فيها. وبهذا الذي ذكرنا تعلم أن ظاهر القرآن مع مالك، والحديث ليس فيه حجة عليه.
وقال ابن حجر في فتح الباري في باب ذبح الرجل البقر عن نسائه من غير أمرهن بعد ذكره رواية ضحى المذكور ما نصه: والظاهر أن التصرف من الرواة؛ لأنه في الحديث ذكر النحر، فحمله بعضهم على الأضحية، فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك كان عمن اعتمر من نسائه، فقويت رواية من رواه بلفط أهدى، وتبين أنه هدي التمتع، فليس فيه حجة على مالك في قوله: لا ضحايا على أهل منى. اهـ. محل الغرض من فتح الباري. وهو واضح فيما ذكرنا. والعلم عند الله تعالى.
الفرع الثاني: اعلم أن من ذبح أضحية قبل أن يصلي إمام المسلمين صلاة العيد، فإن ذبيحته لا تجزئه عن الأضحية، وإنما شاته التي ذبحها شاة لحم يأكلها هو ومن شاء، وليست بشاة نسك. وهذا ثابت في الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم -.
قال البخاري في صحيحه: حدثنا محمد بن بشار، حدثنا غندر، حدثنا شعبة، عن زبيد اليامي، عن الشعبي، عن البراء رضي الله عنه قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن أول ما يبدأ به في يومنا هذا