للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال. وهذا مجمع عليه على ما نقله القاضي عياض. ونقل العبدري، وغيره من أصحابنا أنه قال: يجوز الجذع من الإِبل والبقر والمعز والضأن. وحكي هذا عن عطاء. وأما الجذع من الضأن فمذهبنا، ومذهب العلماء كافة أنه يجزئ، سواء وجد غيره أو لا، وحكوا عن ابن عمر، والزهري أنهما قالا: لا يجزئ. وقد يحتج لهما بظاهر الحديث. قال الجمهور: هذا الحديث محمول على الاستحباب، والأفضل، وتقديره: يستحب لكم ألا تذبحوا إلَّا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن. وليس فيه تصريح بمنع جذعة الضأن، وأنها لا تجزئ بحال. وقد أجمعت الأمة أنه ليس على ظاهره؛ لأن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن مع وجود غيره وعدمه، وابن عمر، والزهري يمنعانه مع وجود غيره وعدمه، فتعين تأويل الحديث على ما ذكرنا من الاستحباب. والله أعلم.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الحديث ظاهر في أن جذعة الضأن لا تجزئ إلَّا إذا تعسر وجود المسنة، لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث الصحيح: "لا تذبحوا إلَّا مسنة" نهي صريح عن ذبح غير المسنة التي هي الثنية. والنهي يقتضي التحريم، كما تقرر في الأصول إلَّا إذا وجد صارف عنه، وهو دليل ظاهر على أن جذعة الضأن لا تجزئ إلَّا عند تعسر المسنة كما ترى. وسيأتي إن شاء الله إيضاح بقية هذا البحث بعد ذكر مذاهب أهل العلم في هذه المسألة، ومناقشة أدلتهم.

وأما مذهب الشافعي رحمه الله في هذه المسألة فهو أن الجذع لا يجزئ إلَّا من الضأن خاصة، والجذع من الضأن والجذعة عنده