للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ادخار لحوم الأضاحي، ليفرقوها ويتصدقوا بها، فينتفع أولئك القادمون بها. انتهى من النهاية.

تنبيه

في هذا الحديث دليل لمن قال من أهل الأصول باشتراط انعكاس العلة في صحتها؛ لأن علة تحريم ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث: هي وجود دافة فقراء البادية الذين دفوا عليهم. ولما زالت هذه العلة زال الحكم معها، ودوران الحكم مع علته في العدم، هو المعروف في الاصطلاح بانعكاسها. والمقرر في الأصول: أن محل القدح في العلة بعدم انعكاسها فيما إذا كانت علة الحكم واحدة، لا إن كانت له علل متعددة، فلا يقدح في واحدة منها بعدم العكس؛ لأنه إذا انعدمت واحدة منها ثبت الحكم بالعلة الأخرى، كالبول، والغائط، لنقض الوضوء مثلًا، فإن البول يكون معدومًا، وعلة النقض ثابتة بخروج الغائط، وهكذا. وكذلك مع كونها علة واحدة لا بد أيضًا في القدح فيها بعدم العكس من عدم ورود دليل ببقاء الحكم مع ذهاب العلة، فإن دل دليل على بقاء الحكم، مع انتفاء العلة، فلا يقدح فيها بعدم العكس، كالرمل في الأشواط الأول من الطواف، فإن علته هي أن يعلم المشركون: أن الصحابة أقوياء ولم تضعفهم حمى يثرب، وهذه العلة قد زالت مع أن حكمها وهو الرمل في الأشواط المذكورة باق؛ لوجود الدليل على بقائه؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - رمل في حجة الوداع، والعلة المذكورة معدومة قطعًا زمن حجة الوداع كما قدمنا إيضاحه. وإلى هذه المسألة أشار صاحب مراقي السعود في مبحث القوادح بقوله:

وعدم العكس مع اتحاد ... يقدح دون النص بالتمادي