للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريحون نعمهم بين يدي بيوتهم، فانفلتت ذات ليلة من الوثاق، فأتت الإِبل، فجعلت إذا دنت من البعير رغا فتتركه حتى تنتهي إلى العضباء، فلم ترغ قال: وناقة منوقة فقعدت في عجزها، ثم زجرتها فانطلقت ونذروا بها فطلبوها، فأعجزتهم قال: ونذرت للَّه إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فلما قدمت المدينة، رآها الناس فقالوا: العضباء ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قالت: إنها نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكروا ذلك له فقال: "سبحان الله بئسما جزتها، نذرت للَّه إن نجاها الله عليها لتنحرنها، لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد". . . الحديث. ومحل الشاهد منه قوله - صلى الله عليه وسلم - "ولا فيما لا يملك العبد" وهذا نص صحيح صريح فيما ذكرنا. ويؤيده حديث ثابت بن الضحاك أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا في قطيعة رحم، ولا فيما لا يملك ابن آدم". اهـ.

قال الحافظ في بلوغ المرام: رواه أبو داود، والطبراني، واللفظ له، وهو صحيح الإِسناد. وله شاهد من حديث كردم عند أحمد.

الفرع الثاني: اعلم أن العلماء اختلفوا فيمن نذر نذرًا لا يلزم الوفاء به هل تلزمه كفارة يمين، أو لا يلزمه شيء؟ وحجة من قال لا يلزمه شيء: هو حديث نذر أبي إسرائيل، أنه لا يقعد ولا يتكلم، ولا يستظل، وقد أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح المذكور آنفًا: أنه لا يفي بهذا النذر، ولم يقل له إن عليه كفارة يمين.

وقد قدمنا هذا في سورة مريم موضحًا. وقد قدمنا أن القرطبي قال في قصة أبي إسرائيل: هذه أوضح الحجج للجمهور في عدم