وجوب الكفارة على من نذر معصية، أو ما لا طاعة فيه. فقد قال مالك لما ذكره: ولم أسمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بالكفارة.
وأما الذين قالوا: إن النذر الذي لا يجب الوفاء به تجب فيه كفارة يمين فقد احتجوا بما رواه مسلم في صحيحه: وحدثني هارون بن سعيد الإِيلي، ويونس بن عبد الأعلى، وأحمد بن عيسى، قال يونس: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن أبي الخير، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"كفارة النذر كفارة اليمين". اهـ. وظاهره شموله للنذر الذي لا يجب الوفاء به.
وقال النووي في شرح مسلم: اختلف العلماء في المراد به، فحمله جمهور أصحابنا على نذر اللجاج، وهو أن يقول إنسان يريد الامتناع من كلام زيد مثلًا: إن كلمت زيدًا مثلًا، فللَّه عليَّ حجة، أو غيرها، فيكلمه، فهو بالخيار بين كفارة يمين، وبين ما التزمه. هذا هو الصحيح في مذهبنا. وحمله مالك وكثيرون أو الأكثرون على النذر المطلق، كقوله: عليّ نذر. وحمله أحمد وبعض أصحابنا على نذر المعصية، كمن نذر أن يشرب الخمر. وحمله جماعة من فقهاء أصحاب الحديث على جميع أنواع النذر، وقالوا: هو مخير في جميع المنذورات بين الوفاء بما التزم، وبين كفارة يمين. واللَّه أعلم. اهـ كلام النووي.
ولا يخفى بعد القول الأخير لقوله تعالى:{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} فهو أمر جازم مانع للتخيير بين الإِيفاء به، وبين شيء آخر،
والأظهر عندي في معنى الحديث: أن من نذر نذرًا مطلقًا كأن