يقول: عليَّ للَّه نذر أنه تلزمه كفارة يمين، لما رواه ابن ماجه، والترمذي، وصححه، عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :"كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين" وروى نحوه أبو داود، وابن ماجه، عن ابن عباس. وفي الحديثين بيان المراد بحديث مسلم بأن المراد به: النذر المطلق الذي لم يسم صاحبه ما نذره، بل أطلقه، والبيان يجوز بكل ما يزيل الإِيهام، كما قدمناه مرارًا، والمطلق يحمل على المقيد.
ومما يؤيد القول بلزوم الكفارة في نذر اللجاج أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حرم شرب العسل على نفسه في قصة ممالأة أزواجه عليه، وأنزل الله في ذلك:{لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} قال الله بعد ذلك: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} فدل ذلك على لزوم كفارة اليمين. وكذلك قال ابن عباس وغيره بلزوم كفارة اليمين، على القول بأنه حرم جاريته، والأقوال فيمن حرم زوجته، أو جاريته، أو شيئًا من الحلال معروفة عند أهل العلم. فغير الزوجة والأمة لا يحرم بالتحريم قولًا واحدًا والخلاف في لزوم كفارة اليمين، وعدم لزومها، وظاهر الآية لزومها. وبعض العلماء يقول: لا يلزم فيه شيء، وهو مذهب مالك وأصحابه، أما تحريم الرجل امرأته أو جاريته، ففيه لأهل العلم ما يزيد على ثلاثة عشر مذهبًا معروفة في محلها، وأجراها على القياس في تحريم الزوجة لزوم كفارة الظهار؛ لأن من قال لامرأته: أنت عليَّ كظهر أمي، فهو بمثابة ما لو قال لها: أنت حرام، والظهار نص الله في كتابه على أن فيه كفارته المنصوصة في سورة المجادلة.
أما نذر اللجاج فقد قدمنا القول بأن فيه كفارة يمين، والمراد بنذر اللجاج النذر الذي يراد به الامتناع من أمر، لا التقرب إلى الله.