للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو ثلاثًا بعد قرنه "ثم يجيء قوم ينذرون ولا يوفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون، ويظهر فيهم السمن". اهـ. من صحيح البخاري. وهو ظاهر جدًّا في إثم الذين لا يوفون بنذرهم، وأنهم كالذين يخونون، ولا يؤتمنون. وهذا الحديث أخرجه أيضًا مسلم في صحيحه، عن عمران بن حصين.

وقال النووي في شرحه لحديث عمران هذا: فيه وجوب الوفاء بالنذر، وهو واجب بلا خلاف، وإن كان ابتداء النذر منهيًا عنه. كما سبق في بابه، اهـ. محل الغرض منه.

ولأجل هذا الإِشكال المذكور اختلف العلماء في حكم الإِقدام على النذر، فذهب المالكية إلى جواز نذر المندوبات إلا الذي يتكرر دائمًا، كصوم يوم من كل أسبوع فهو مكروه عندهم. وذهب أكثر الشافعية إلى أنه مكروه، ونقله بعضهم عن نص الشافعي للأحاديث الدالة على النهي عنه. ونقل نحوه عن المالكية أيضًا، وجزم به عنهم ابن دقيق العيد. وأشار ابن العربي إلى الخلاف عنهم، والجزم عن الشافعية بالكراهة. وجزم الحنابلة بالكراهة. وعندهم رواية في أنها كراهة تحريم، وتوقف بعضهم في صحتها، وكراهته مروية عن بعض الصحابة. اهـ. بواسطة نقل ابن حجر في الفتح. وجزم صاحب المغني: بأن النهي عنه نهي كراهة.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الظاهر لي في طريق إزالة هذا الإِشكال الذي لا ينبغي العدول عنه: أن نذر القربة على نوعين.

أحدهما: معلق على حصول نفع، كقوله: إن شفى الله مريضي، فعلي للَّه نذر كذا، أو إن نجاني الله من الأمر الفلاني المخوف، فعلي للَّه نذر كذا، ونحو ذلك.