للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تنبيه

فإن قيل: إن النذر المعلق كقوله: إن شفى الله مريضي أو نجاني من كذا، فللَّه علي نذر كذا، قد ذكرتم أنه هو المنهي عنه، وإذا تقرر أنه منهي عنه لم يكن من جنس القربة، فكيف يجب الوفاء بمنهي عنه.

والجواب: أن النص الصحيح دل على هذا، فدل على النهي عنه أولًا، كما ذكرنا الأحاديث الدالة على ذلك، ودل على لزوم الوفاء به بعد الوقوع، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما يستخرج به من النخيل" نص صريح في أن البخيل يلزمه إخراج ما نذر إخراجه، وهو المصرح بالنهي عنه أولًا، ولا غرابة في هذا؛ لأن الواحد بالشخص قد يكون له جهتان. فالنذر المذكور له جهة هو منهي عنه من أجلها ابتداء: وهي شرط حصول النفع فيه، وله جهة أخرى هو قربة بالنظر إليها: وهو إخراج المنذور تقربًا للَّه، وصرفه في طاعة الله. والعلم عند الله تعالى.

واعلم أن النذر في اللغة النحب، وهو ما يجعله الإِنسان نحبًا واجبًا عليه قضاؤه، ومنه قول لبيد:

ألا تسألان المرء ماذا يحاول ... أنحب فيقضي أم ضلالٌ وباطل

وحاصله: أنه إلزام الإِنسان نفسه بشيء لم يكن لازمًا لها، فيجعله واجبًا عليها. وهو في اصطلاح الشرع: التزام المكلف قربة لم تكن واجبة عليه.

وقال ابن الأثير في النهاية. يقال: نذرتُ أنذُرُ وأنذِرُ نذرًا إذا أوجبت على نفسي شيئًا تبرعًا من عبادة، أو صدقة أو غير ذلك. وقد