لم يتهدم، والحصيد هو الذي تهدم وتفرقت أنقاضه. ونظيره من كلام العرب قوله:
والناس في قسم المنية بينهم ... كالزرع منه قائم وحصيد
وفي معنى القائم والحصيد أقوال أخر غير ما ذكرنا، ولكن ما ذكرنا هو أظهرها.
وذكر الزمخشري ما يفهم منه وجه آخر للجمع، وهو أن معنى قوله: خاوية: خالية من أهلها، من قوله: خوى المكان إذا خلا من أهله، وأن معنى: على عروشها: أن الأبنية باقية، أي: هي خالية من أهلها مع بقاء عروشها قائمة على حيطانها. وما ذكرناه أولًا هو الصواب إن شاء الله تعالى.
وقد دلت هذه الآية الكريمة وأمثالها في القرآن أن لفظ القرية: يطلق تارة على نفس الأبنية، وتارة على أهلها الساكنين بها، فالإِهلاك في قوله:{أَهْلَكْنَاهَا} والظلم في قوله: {وَهِيَ ظَالِمَةٌ}: يراد به أهلها الساكنون بها، وقوله:{فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} يراد به الأبنية كما قال في آية: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} وقال في أخرى: {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا}.
وقد بينا في رسالتنا المسماة منع جواز المجاز في المنزل للتعبد والإِعجاز: أن ما يسميه البلاغيون مجاز النقص، ومجاز الزيادة، ليس بمجاز حتى عند جمهور القائلين بالمجاز من الأصوليين، وأقمنا الدليل على ذلك. وقرأ هذا الحرف ابن كثير (وكائن) بألف بعد الكاف، وبعد الألف همزة مكسورة، فنون ساكنة. وقرأه الباقون:(وكأين) بهمزة مفتوحة بعد الكاف، بعدها ياء مكسورة مشددة، فنون