منها قد قدمناهما، وبينا أنهما قراءتان سبعيتان؛ لأن إحداهما قرأ بها ابن كثير والأخرى قرأ بها الجمهور. واللغة الثالثة فيها:"كأين" بهمزة ساكنة فياء مكسورة، والرابعة:"كيئن" بياء ساكنة وهمزة مكسورة، الخامسة:"كأن" بهمزة مفتوحة ونون ساكنة. اهـ. ولقد صدق أبو حيان في أن التلاعب بلفظ هذه الكلمة إلى هذه اللغات يدل على أن أصلها بسيطة لا مركبة. واللَّه أعلم.
واعلم: أن ما يذكره كثير من المفسرين في تفسير هذه الآية الكريمة من أن البئر المعطلة، والقصر المشيد معروفان، وأنهما بحضر موت، وأن القصر مشرف على قمة جبل لا يرتقى إليه بحال، وأن البئر في سفحه لا تقر الرياح شيئًا سقط فيها إلا أخرجته. وما يذكرونه أيضًا من أن البئر هي: الرس، وأنها كانت بعدن باليمن بحضر موت في بلد يقال له: حضور، وأنها نزل بها أربعة آلاف ممن آمنوا بصالح، ونجوا من العذاب، ومعهم صالح، فمات صالح، فسمي المكان حضر موت؛ لأن صالحًا لما حضره مات فبنوا حضور، وقعدوا على هذه البئر، وأمروا عليهم رجلًا يقال له العلس بن جلاس بن سويد، أو جلهس بن جلاس، وكان حسن السيرة فيهم عاملًا عليهم، وجعلوا وزيره سنجاريب بن سوادة، فأقاموا دهرًا، وتناسلوا حتى كثروا، وكانت البئر تسقي المدينة كلها وباديتها، وجميع ما فيها من الدواب والغنم والبقر وغير ذلك؛ لأنها كانت لها بكرات كثيرة منصوبة عليها، ورجال كثيرون موكلون بها، وحياض كثيرة حولها تملأ للناس وحياض للدواب، وحياض للغنم، وحياض للبقر، ولم يكن لهم ماء غيرها، وآل بهم الأمر إلى أن مات ملكهم وطلوا جثته بدهن يمنعها من التغيير، وأن الشيطان دخل في جثته،