وفي تفسير الجلالين ما نصه: وأخذ من ذلك انقضاء الحساب في نصف نهار، كما ورد في حديث. انتهى منه. مع أنه تعالى ذكر أن مقدار يوم القيامة خمسون ألف سنة في قوله: {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)} وهو يوم القيامة بلا خلاف في ذلك.
والظاهر في الجواب: أن يوم القيامة يطول على الكفار، ويقصر على المؤمنين، ويشير لهذا قوله تعالى بعد هذا بقليل: {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا (٢٦)} فتخصيصه عسر ذلك اليوم بالكافرين: يدل على أن المؤمنين ليسوا كذلك، وقوله تعالى: {فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠)} يدل بمفهوم مخالفته على أنه يسير على المؤمنين غير عسير، كما دل عليه قوله تعالى: {مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ (٨)}.
وقال ابن جرير: حدثني يونس، أنبأنا ابن وهب، أنبأنا عمرو بن الحارث: أن سعيدًا الصواف حدثه أنه بلغه؛ أن يوم القيامة يقصر على المؤمنين، حتى يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس، وأنهم يتقلبون في رياض الجنة، حتى يفرغ من الناس، وذلك قوله: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)} ونقله عنه ابن كثير في تفسيره.
وأما على قول من فسر المقيل في الآية بأنه المأوى والمنزل كقتادة رحمه الله، فلا دلالة في الآية لشيء مما ذكرنا. ومعلوم أن من كان في سرور ونعمة، أنه يقصر عليه الزمن الطويل قصرًا شديدًا، بخلاف من كان في العذاب المهين والبلايا والكروب، فإن الزمن القصير يطول عليه جدًّا، وهذا أمر معروف، وهو كثير في كلام العرب. وقد ذكرنا في كتابنا المذكور بعض الشواهد الدالة عليه،