للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تصريح من ابن عباس أن هذا الذي لا يعلمه إلا الله بمعنى التفسير، لا ما تؤول إليه حقيقة الأمر. وقوله هذا ينافي التفصيل المذكور.

الثاني: أن الحروف المقطعة في أوائل السور لا يعلم المراد بها إلا الله، إذ لم يقم دليل على شيء معين أنه هو المراد بها من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا من لغة العرب، فالجزم بأن معناها كذا على التعيين تحكم بلا دليل.

تنبيهان

الأول: اعلم أنه على القول بأن الواو عاطفة فإن إعراب جملة يقولون مستشكل من ثلاث جهات:

الأولى: أنها حال من المعطوف وهو "الراسخون"، دون المعطوف عليه وهو "لفظ الجلالة". والمعروف إتيان الحال من المعطوف والمعطوف عليه معا كقولك: جاء زيد وعمر راكبين، وقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ}.

وهذا الإشكال ساقط؛ لجواز إتيان الحال من المعطوف فقط دون المعطوف عليه، ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً (٢٢)} فقوله: صَفّاً حال من المعطوف، وهو الْمَلَكُ، دون المعطوف عليه، وهو لفظة رَبُّكَ، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} الآية. فجملة يَقُولُونَ حال من واو الفاعل في قوله: الَّذِينَ جَاءُوا، وهو معطوف على قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} وقوله: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ} فهو حال من المعطوف دون المعطوف عليه، كما بينه ابن كثير وغيره.