للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله في هذه الآية الكريمة: {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ} قال مجاهد: معاجزين يثبطون الناس من متابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - . وكذا قال عبد الله بن الزبير: مثبطين. وقال ابن عباس: (معاجزين) أي: مغالبين ومشاقين. وعن الفراء (معاجزين) معاندين. وعن الأخفش (معاجزين) معاندين مسابقين. وعن الزجاج (معاجزين) أي. ظانين أنهم يعجزوننا؛ لأنهم ظنوا ألا بعث، وأن الله لا يقدر عليهم.

واعلم: أن في هذا الحرف قراءتين سبعيتين قرأه الجمهور: (معاجزين) بألف بين العين والجيم لصيغة المفاعلة اسم فاعل عاجزه. وقرأه ابن كثير، وأبو عمرو: (معجزين) بلا ألف مع تشديد الجيم المكسورة على صيغة اسم الفاعل من عجزه.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الظاهر بحسب الوضع العربي في قراءة الجمهور معاجزين: هو اقتضاء طرفين؛ لأن الظاهر لا يعدل عنه إلا لدليل يجب الرجوع إليه، والمفاعلة تقتضي الطرفين إلا لدليل يصرف عن ذلك، واقتضاء المفاعلة الطرفين في الآية من طريقين.

الأولى: هي ما قاله ابن عرفة من أن معنى (معاجزين) في الآية أنهم يعاجزون الأنبياء وأتباعهم، فيحاول كل واحد منهما إعجاز الآخر، فالأنبياء وأتباعهم يحاولون إعجاز الكفار وإخضاعهم لقبول ما جاء عن الله تعالى، والكفار يقاتلون الأنبياء، وأتباعهم، ويمانعونهم؛ ليصيروهم إلى العجز عن أمر الله. وهذا الوجه ظاهر كما قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} وعليه فمفعول (معاجزين) محذوف، أي: معاجزين الأنبياء وأتباعهم، أي: مغالبين لهم، ليعجزوهم عن إقامة الحق.