للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا ينبت في الموضع اليابس، فكيف تنبت شجرة في أصل الجحيم إلى غير ذلك من الآيات، كما تقدم إيضاحه مرارًا، والعلم عند الله تعالى.

واللام في قوله: {لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ} الآية الأظهر أنها متعلقة بألقى، أي: ألقى الشيطان في أمنية؛ لرسل والأنبياء، ليجعل الله ذلك الإِلقاء فتنة للذين في قلوبهم مرض، خلافًا للحوفي القائل: إنها متعلقة بيحكم، وابن عطية القائل: إنها متعلقة بينسخ.

ومعنى كونه: فتنة لهم أنه سبب لتماديهم في الضلال والكفر.

وقد أوضحنا معانى الفتنة في القرآن سابقًا، وبينا أن أصل الفتنة في اللغة وضع الذهب في النار، ليظهر بسبكه فيها أخالص هو أم زائف، وأنها في القرآن تطلق على معان متعددة:

منها: الوضع في النار، ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣)} أي: يحرقون بها، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (١٠)} الآية، أي: أحرقوهم بنار الأخذوذ على أظهر التفسيرين.

ومنها: الاختبار وهو أكثر استعمالاتها في القرآن، كقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} وقوله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} وقوله تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}.

ومنها: نتيجة الابتلاء إن كانت سيئة كالكفر والضلال، كقوله: {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي: شرك بدليل قوله: {وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} وقوله في الأنفال: {وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} ومما يوضح هذا المعنى