للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبين معنى العادين في هذه الآية قوله تعالى في قوم لوط: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (١٦٦)} وهذا الذي ذكره هنا ذكره أيضًا في سورة (سأل سائل) لأنه قال فيها في الثناء على المؤمنين {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)}.

مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة

المسألة الأولى: اعلم أن "ما" في قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} من صيغ العموم، والمراد بها "من" وهي من صيغ العموم. فآية {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١)} وآية {سَأَلَ سَائِلٌ} تدل بعمومها المدلول عليه بلفظة "ما" في قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} في الموضعين على جواز جمع الأختين بملك اليمين في التسري بهما معًا؛ لدخولهما في عموم {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وبهذا قال داود الظاهري، ومن تبعه. ولكن قوله تعالى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ} يدل بعمومه على منع جمع الأختين بملك اليمين؛ لأن الألف واللام في الأختين صيغة عموم، تشمل كل أختين، سواء كانتا بعقد، أو ملك يمين. ولذا قال عثمان رضي الله عنه لما سئل عن جمع الأختين بملك اليمين: أحلتهما آية، وحرمتهما أخرى. يعني بالآية المحللة {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وبالمحرمة {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ}.

وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب وسنذكر هنا إن شاء الله المهم مما ذكرنا فيه، ونزيد ما تدعو الحاجة إلى زيادته.