كَقولهم: مررت بأرض قليل بها الكراث والبصل. يعنون لا كراث فيها ولا بصل. ومنه قول ذي الرمة:
أنيخت فألقت بلدة فوق بلدة ... قليل بها الأصوات إلَّا بغامها
ويريد: أن تلك الفلاة لا صوت فيها غير بغام ناقته.
وقول الآخر:
فما بأس لو ردت علينا تحية ... قليلًا لدى من يعرف الحق عابها
يعني لا عاب فيها، أي: لا عيب فيها عند من يعرف الحق. وأمثال هذا كثير في كلام العرب.
وبالآيات التي ذكرنا تعلم أن الوقف عن القطع برجوع الاستثناء لجميع الجمل المتعاطفة قبله إلَّا لدليل هو الذي دل عليه القرآن في آيات متعددة، وبدلالتها يرد استدلال داود المذكور أيضًا. والعلم عند الله تعالى.
المسألة الثانية: اعلم أن أهل العلم أجمعوا على أن حكم هذه الآية الكريمة في التمتع بملك اليمين في قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} خاص بالرجال دون النساء، فلا يحل للمرأة أن تتسرى عبدها، وتتمتع به بملك اليمين. وهذا لا خلاف فيه بين أهل العلم. وهو يؤيد قول الأكثرين أن النساء لا يدخلن في الجموع المذكرة الصحيحة إلَّا بدليل منفصل، كما أوضحنا أدلته في سورة الفاتحة.
وذكر ابن جرير أن امرأة اتخذت مملوكها، وقالت: تأولت آية من كتاب الله {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} فأتى بها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال له ناس من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : تأولت آية