للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصفت بالمكانة التي هي صفة المستقر فيها، أو بمكانتها في نفسها؛ لأنها مكنت بحيث هي وأحرزت.

وقوله تعالى في هذه الآية: {ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ} قال الزمخشري: أي: خلقًا مباينًا للخلق الأول مباينة ما أبعدها حيث جعله حيوانًا، وكان جمادًا، وناطقًا وكان أبكَم، وسميعًا وكان أصم وبصيرًا وكان أكمه، وأودع باطنه وظاهره، بل كل عضو من أعضائه، وجزء من أجزائه عجائب فطره، وغرائب حكمه، لا تدرك بوصف الواصف، ولا بشرح الشارح. انتهى منه.

وقال القرطبي: اختلف في الخلق الآخر المذكور، فقال ابن عباس، والشعبي وأبو العالية، والضحاك وابن زيد: هو نفخ الروح فيه بعد أن كان جمادًا. وعن ابن عباس: خروجه إلى الدنيا. وقال قتادة: عن فرقة نبات شعره. وقال الضحاك: خروج الأسنان، ونبات الشعر. وقال مجاهد: كمال شبابه. وروي عن ابن عمر. والصحيح أنه عام في هذا، وفي غيره من النطق والإِدراك، وتحصيل المعقولات إلى أن يموت. اهـ منه.

والظاهر أن جميع أقوال أهل العلم في قوله: {خَلْقًا آخَرَ} أنه صار بشرًا سويًا بعد أن كان نطفة، ومضغة، وعلقة، وعظامًا كما هو واضح.

مسألة

وقد استدل بهذه الآية الإِمام أبو حنيفة رحمه الله على أن من غصب بيضة، فأفرخت عنده أنه يضمن البيضة، ولا يرد الفرخ؛ لأن الفرخ خلق آخر سوى البيضة، فهو غير ما غصب، وإنما يرد الغاصب