للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يشترط اجتماعهم حال مجيئهم، ولو جاءوا متفرقين واحدا بعد واحد في مجلس واحد قبلت شهادتهم.

وقال مالك وأبو حنيفة: إن جاءوا متفرقين فهم قذفة؛ لأنهم لم يجتمعوا في مجيئهم، فلم تقبل شهادتهم، كالذين لم يشهدوا في مجلس واحد. ولنا: قصة المغيرة، فإن الشهود جاءوا واحدًا بعد واحد وسمعت شهادتهم، وإنما حُدُّوا لعدم كمالها.

وفي حديثه أن أبا بكرة قال: أرأيت إن جاء آخر يشهد أكنت ترجمه؟ قال عمر: إي والذي نفسي بيده.

ولأنهم اجتمعوا في مجلس واحد أشبه ما لو جاءوا وكانوا مجتمعين، ولأن المجلس كله بمنزلة ابتدائه لما ذكرناه. وإذا تفرقوا في مجالس فعليهم الحد؛ لأن من شهد بالزنى، ولم يكمل الشهادة يلزمه الحد؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} انتهى من المغني لابن قدامة.

وقد عرفت أقوال أهل العلم في اشتراط اتحاد المجلس لشهادة شهود الزنى، وما احتج به كل واحد من الفريقين.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي دليلًا هو قبول شهادتهم ولو جاءوا متفرقين في مجالس متعددة؛ لأن الله جلَّ وعلا صرح في كتابه بقبول شهادة الأربعة في الزنى، فإبطالها مع كونهم أربعة بدعوى عدم اتحاد المجلس إبطال لشهادة العدول بغير دليل مقنع يجب الرجوع إليه. وما وجَّه من اشترط اتحاد المجلس قوله به لا يتجه كل الاتجاه، فإن قال الشهود: معنا من يشهد مثل شهادتنا، انتظره الإِمام، وقبل شهادته، فإن لم يدعوا زيادة شهود