للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا علم الحاكم بشاهد أقام عليهم الحد، لعدم كمال شهادتهم. هذا هو الظاهر لنا من عموم الأدلة وإن كان مخالفًا لمذهب مالك، وأبي حنيفة، وأحمد. والعلم عند الله تعالى.

تنبيه

اعلم أن مالكًا وأصحابه يشترط عنهم زيادة على أداء شهود الزنى شهادتهم في وقت واحد أن يكونوا شاهدين على فعل واحد، فلو اجتمعوا ونظر واحد بعد واحد، لم تصح شهادتهم على الأصح من مذهب مالك؛ لاحتمال تعدد الوطء، وأن يكون الزاني نزع فرجه من فرجها بعد رؤية الأول، ورأى الثاني إيلاجًا آخر غير الإِيلاج الذي رآه من قبله، لأن الأفعال لا يضم بعضها إلى بعض في الشهادة عندهم، ومتى لم تقبل شهادتهم حُدُّوا حد القذف.

ومشهور مذهب مالك أيضًا: وجوب تفرقتهم - أعني شهود الزنى خاصة - دون غيرهم من سائر الشهود.

ومعناه عندهم: أنه لا بد من إتيانهم مجتمعين، فإذا جاءوا مجتمعين فرق بينهم عند أداء الشهادة، فيسأل كل واحد منهم دون حضرة الآخرين، ويشهد كل واحد منهم أنه راه أدخل فرجه في فرجها، أو أولجه فيه، ولا بد عندهم من زيادة كالمرود في المكحلة ونحوه. ويجوز للشهود النظر إلى عورة الزانيين، ليمكنهم أن يؤدوا الشهادة على وجهها، ولا إثم عليهم في ذلك، ولا يقدح في شهادتهم لأنه وسيلة إقامة حد من حدود الله. ومحل هذا إن كانوا أربعة، فإن كانوا أقل من أربعة لم يجز لهم النظر إلى عورة الزاني، إذ لا فائدة في شهادتهم، ولأنهم يجلدون حد القذف.