للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض المالكية: لا يجوز لهم النظر إلى عورات الزناة ولو كانوا أربعة؛ لما نبه عليه الشرع من استحسان الستر. ويندب للحاكم عند المالكية سؤال الشهود في الزنى عما ليس شرطًا في صحة الشهادة، كأن يقول لكل واحد من الشهود بانفراده، دون حضرة الآخرين: على أي حال رأيتهما وقت زناهما؟ وهل كانت المرأة على جنبها الأيمن، أو الأيسر، أو على بطنها، أو على قفاها؟ وفي أي جوانب البيت؟ ونحو ذلك. فإن اختلفوا بأن قال أحدهم: كانت على قفاها، وقال الآخر: كانت على جنبها الأيمن، ونحو ذلك بطلت شهادتهم، لدلالة اختلافهم على كذبهم، وكذلك إن اختلفوا في جانب البيت الذي وقع فيه الزنى.

ولا شك أن مثل هذا السؤال أحوط في الدفع عن أعراض المسلمين؛ لأنهم إن كانوا صادقين لم يختلفوا، وإن كانوا كاذبين علم كذبهم باختلافهم. وقد قدمنا ما يستأنس به لتفرقة شهود الزنى، وسؤالهم متفرقين في قصة سليمان وداود في المرأة التي شهد عليها أربعة، أنها زنت بكلبها، فرجمها داود، فجاء سليمان بالصبيان، وجعل منهم شهودًا، وفرقهم وسألهم متفرقين عن لون الكلب الذي زنت به، فأخبر كل واحد منهم بلون غير اللون الذي أخبر به الآخر، فأرسل داود للشهود، وفرقهم وسألهم متفرقين عن لون الكلب الذي زنت به، فاختلفوا في لونه كما تقدم إيضاحه.

واعلم أن كل ما يثبت به الرجم يثبت به الجلد فطريق ثبوتهما متحدة لا فرق بينهما كما لا يخفى.

الفرع الخامس: اعلم أنه إذا شهد اثنان أنه زنى بها في هذا البيت، واثنان: أنه زنى بها في بيت آخر، أو شهد كل اثنين عليه