للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالزنى في بلد غير البلد الذي شهد عليه فيه صاحباهما، أو اختلفوا في اليوم الذي وقع فيه الزنى. فقد اختلف أهل العلم هل تقبل شهادتهم؟ نظرًا إلى أنهم أربعة شهدوا بالزنى، أو لا تقبل؛ لأنه لم تشهد أربعة على زنى واحد، فكل زنى شهد عليه اثنان، ولا يثبت زنى باثنين؟

قال ابن قدامة في المغني: الجميع قذفة وعليهم الحد. وبهذا قال مالك، والشافعي. واختار أبو بكر أنه لا حد عليهم. وبه قال النخعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي، لأنهم كملوا أربعة.

ولنا أنه لم يكمل أربعة على زنى واحد، فوجب عليهم الحد، كما لو انفرد بالشهادة اثنان وحدهما. فأما المشهود عليه، فلا حد عليه في قولهم جميعًا، وقال أبو بكر: عليه الحد، وحكاه قولًا لأحمد، وهذا بعيد، فإنه لم يثبت زنى واحد بشهادة أربعة، فلم يجب الحد، ولأن جميع ما تعتبر له البينة يعتبر فيه كمالها في حق واحد، فالموجب للحد أولى؛ لأنه مما يحتاط فيه ويدرأ بالشبهات؛ وقد قال أبو بكر: إنه لو شهد اثنان أنه زنى بامرأة بيضاء، وشهد اثنان أنه زنى بسوداء، فهم قذفة. ذكره القاضي عنه، وهذا ينقض قوله. انتهى منه.

ثم قال: وإن شهد اثنان أنه زنى بها في زاوية بيت، وشهد اثنان أنه زنى بها في زاوية منه أخرى، وكانت الزاويتان متباعدتين، فالقول فيهما كالقول في البيتين، وإن كانتا متقاربتين كملت شهادتهم، وحُدَّ المشهود عليه. وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي: لا حد عليه، لأن شهادتهم لم تكمل، ولأنهم اختلفوا في المكان، فأشبه ما لو اختلفا