لأن الإِكراه والطوع أمران متنافيان، وإذا لم تكمل عليه شهادة بفعل واحد على حالة واحدة فعدم حده هو الأظهر.
أما وجه حد الشهود، فلأن الشاهدين على المرأة بأنها زنت مطاوعة للرجل قاذفان لها بالزنى، ولم تكمل شهادتهما عليها، فحدهما لقذفهما المرأة ظاهر جدًّا، ولأن الشاهدين بأنه زنى بها مكرهة قاذفان للرجل بأنه أكرهها فزنى بها، ولم تكمل شهادتهم؛ لأن شاهدي الطوع مكذبان لهما في دعواهما الإكراه، فحدهما؛ لقذفهما للرجل، ولم تكمل شهادتهما عليه ظاهر، أَما كون الأربعة قد اتفقت شهادتهم على أنه زنى بها، فيرده أن كل اثنين منهما يكذبان الآخرين في الحالة التي وقع عليها الزنى. هذا هو الأظهر عندنا من كلام أهل العلم في هذا الفرع. والعلم عند الله تعالى.
ومن المعلوم: أن كل ما يثبت به الرجم على المحصن يثبت به الجلد على البكر، فثبوت الأمرين طريقة واحدة.
الفرع الثامن: اعلم أنه إن شهد أربعة عدول على امرأة أنها زنت وتمت شهادتهم على الوجه المطلوب، فقالت: إنها عذراء لم تزل بكارتها ونظر إليها أربع من النساء معروفات بالعدالة، وشهدن بأنها عذراء لم تزل بكارتها بمزيل. فقد اختلف أهل العلم، هل تدرأ شهادة النساء عنها الحد أو لا؟ فذهب مالك وأصحابه إلى أنها يقام عليها الحد، ولا يلتفت لشهادة النساء. وعبارة المدونة في ذلك: إذا شهد عليها بالزنى أربعة عدول فقالت: إنها عذراء ونظر إليها النساء، وصدقنها، لم ينظر إلى قولهن وأقيم عليها الحد. انتهى بواسطة نقل المواق في شرحه لقول خليل في مختصره:"وبالبينة فلا يسقط بشهادة أربع نسوة ببكارتها".