للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن شهادة النساء ببكارتها تدرأ عنها الحد، وهو مذهب الإِمام أحمد.

قال ابن قدامة في المغني: وبه قال الشعبي، والثوري، والشافعي، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. ووجه قول مالك، وأصحابه بأنها يقام عليها الحد هو أن الشهادة على زناها تمت بأربعة عدول، وأن شهادة النساء لا مدخل لها في الحدود، فلا تسقط بشهادتهن شهادة الرجال عليها بالزنى. ووجه قول الآخرين بأنها لا تحدّ هو أن بكارتها ثبتت بشهادة النساء، ووجود البكارة مانع من الزنى ظاهرًا؛ لأن الزنى لا يحصل بدون الإِيلاج في الفرج، ولا يتصور ذلك مع بقاء البكارة؛ لأن البكر هي التي لم توطأ في قبلها، وإذا انتفى الزنى لم يجب الحد، كما لو قامت البينة بأن المشهود عليه بالزنى مجبوب.

وقال ابن قدامة في المغني: ويجب أن يكتفى بشهادة امرأة واحدة؛ لأنها مقبولة فيما لا يطلع عليه الرجال، يعني البكارة المذكورة، انتهى. وأما الأربعة الذين شهدوا بالزنى فلا حدّ عليهم لتمام شهادتهم، وهي أقوى من شهادة النساء بالبكارة.

وقال صاحب المغني: وإنما لم يجب الحد عليهم لكمال عدتهم، مع احتمال صدقهم؛ لأنه يحتمل أن يكون وطئها، ثم عادت عذرتها، فيكون ذلك شبهة في درء الحد عنهم.

وأما إن شهدت بينة على رجل بالزنى فثبت ببينة أخرى أنه مجبوب، أو شهدت بينة على امرأة بالزنى فثبت ببينة أخرى أنها رتقاء، فالظاهر وجوب حد القذف على بينة الزنى، لظهور كذبها؛