للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن المجبوب من الرجال، والرتقاء من النساء لا يمكن حصول الزنى من واحد منهما، كما هو معلوم.

المسألة الثانية: اعلم أن العلماء أجمعوا على ثبوت الزنى، ووجوب الحد رجمًا كان، أو جلدًا بإقرار الزاني والزانية، ولكنهم اختلفوا هل يثبت الزنى بإقرار الزاني مرة واحدة، أو لا يكفي ذلك حتى يقرَّ به أربع مرات؟ فذهب الإِمام أحمد، وأبو حنيفة، وابن أبي ليلى، والحكم إلى أنه لا يثبت إلَّا إذا أقر به أربع مرات. وزاد أبو حنيفة، وابن أبي ليلى: أن يكون ذلك في أربع مجالس، ولا تكفي عندهما الإِقرارات الأربعة في مجلس واحد. وذهب مالك، والشافعي، والحسن، وحماد، وأبو ثور، وابن المنذر إلى أن الزنى يثبت بالإِقرار مرة واحدة.

أما حجج من قال: يكفي الإِقرار به مرة واحدة: فمنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأنيس في الحديث الصحيح المشهور: "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها" فاعترفت فرجمها. وفي رواية في الصحيح: "فاعترفت فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجمت". قالوا: فهذا الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة، وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما ظاهر ظهورًا واضحًا في أن الزنى يثبت بالاعتراف به مرة واحدة؛ لأن قوله - صلى الله عليه وسلم - فيه: "فإن اعترفت فارجمها" ظاهر في الاكتفاء بالاعتراف مرة واحدة، إذ لو كان الاعتراف أربع مرات لا بد منه لقال له - صلى الله عليه وسلم - : فإن اعترفت أربع مرات فارجمها، فلما لم يقل ذلك عرفنا أن المرة الواحدة تكفي؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، كما هو معلوم.

ومن أدلتهم على الاكتفاء بالاعتراف بالزنى مرة واحدة ما ثبت