للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودفنت. هذا لفظ مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن بريدة، عن أبيه. وهو من أصرح الأدلة على الاكتفاء بإقرار الزاني بالزنا مرة واحدة، لأن الغامدية المذكورة لما قالت له - صلى الله عليه وسلم - : لعلك أن تردني كما رددت ماعزًا. لم ينكر ذلك عليها، ولو كان الإِقرار أربع مرات شرطًا في لزوم الحد لقال لها: إنما رددته، لكونه لم يقر أربعًا.

وقد قال الشوكاني في نيل الأوطار بعد ذكره لهذه الواقعة: وهذه الواقعة من أعظم الأدلة الدالة على أن تربيع الإِقرار ليس بشرط، للتصريح فيها بأنها متأخرة عن قضية ماعز، وقد اكتفى فيها بدون أربع كما سيأتي. اهـ منه.

وفي صحيح مسلم أيضًا من حديث سليمان بن بريدة، عن أبيه ما نصه: قال: ثم جاءته امرأة من غامد من الأزد فقالت: يا رسول الله طهرني، فقال: ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه، فقالت: أراك تريد أن تردني كما رددت ماعز بن مالك! قال: وما ذاك؟ قالت: إنها حبلى من الزنا، فقال: آنت؟ قالت: نعم، فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك، قال: فكفلها رجل من الأنصار حتى وضعت، قال: فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: قد وضعت الغامدية، فقال: إذًا لا نرجمها وندع ولدها صغيرًا ليس له من يرضعه، فقام رجل من الأنصار فقال: إلي رضاعه يا نبي الله. قال: فرجمها". اهـ منه.

وهذه الرواية كالتي قبلها في الدلالة على الاكتفاء بالإِقرار مرة واحدة. إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على عدم اشتراط تكرر الإِقرار بالزنا أربعًا.

وأما حجة من قالوا: يشترط في ثبوت الإِقرار بالزنا أن يقر به أربع مرات، وأنه لا يجب عليه الحد إلَّا بالإِقرار أربعًا، فهي ما ثبت