للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه قال: "أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من الناس وهو في المسجد فناداه: يا رسول الله إني زنيت، يريد نفسه، فأعرض عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتنحى لشق وجهه الذي أعرض قبله، فقال: يا رسول الله إني زنيت، فأعرض عنه، فجاء لشق وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي أعرض عنه، فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أبك جنون؟ قال: لا يا رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) فقال: أحصنت؟ قال: نعم، قال: اذهبوا فارجموه" الحديث. هذا لفظ البخاري في صحيحه. ولفظ مسلم: فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعاه رسول الله فقال: أبك جنون؟ قال: لا. قال: فهل أحصنت؟ قال: نعم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اذهبوا به فارجموه". اهـ.

قالوا: فهذا الحديث المتفق عليه فيه ترتيب الرجم على أربع شهادات على نفسه، أي: أربع إقرارات، بصيغة ترتيب الجزاء على الشرط؛ لأن (لمَّا) مضمنة معنى الشرط. وترتيب الحدّ على الأربع ترتيب الجزاء على شرطه دليل على اشتراط الأربع المذكورة. والرجل المذكور في هذا الحديث هو ماعز بن مالك. وقصته مشهورة صحيحة. وفي ألفاظ رواياتها ما يدل على أنه لم يرجمه حتى شهد على نفسه أربع شهادات، كما رأيت في الحديث المذكور آنفًا.

وقد علمت مما ذكرنا ما استدل به كل واحد من الفريقين.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر قولي أهل العلم في هذه المسألة عندي: هو الجمع بين الأحاديث الدالة على اشتراط الأربع، والأحاديث الدالة على الاكتفاء بالمرة الواحدة؛ لأن الجمع بين الأدلة