للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: هذا الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده القاسم بن فياض الأبناوي الصنعاني. قال فيه ابن حجر في التقريب: مجهول. وقال فيه الذهبي في الميزان: ضعفه غير واحد، منهم عباس عن ابن معين، فالجواب من وجهين:

الأول: أن القاسم المذكور قال فيه أبو داود: ثقة، كما نقله عنه الذهبي في الميزان، والتعديل يقبل مجملًا، والتجريح لا يقبل مجملًا كما تقدم.

الثاني: أن حديث ابن عباس هذا الذي فيه الجمع بين حد القذف وحد الزنا، إن قال: إنه زنى بامرأة عينها فأنكرت، معتضد اعتضادًا قويًا بظواهر النصوص الدالة على مؤاخذته بإقراره، والنصوص الدالة على أن من قذف امرأة بالزنى، فأنكرت، ولم يأت ببينة أنه يحد حد القذف.

فالحاصل: أن أظهر الأقوال عندنا أنه يحد حد القذف، وحد الزنا، وهو مذهب مالك، وقد نص عليه في المدونة، خلافًا لمن قال: يحد حد الزنا فقط، كأحمد، والشافعي، ولمن قال: يحد حد القذف فقط. ويؤيد هذا المذهب الذي اخترناه في هذه المسألة ما قاله مالك وأصحابه: من أن الرجل لو قال لامرأة: زنيت، فقالت له: زنيت بك، أنها تحد للقذف، وللزنا معًا، ولا يحد الرجل لهما لأنها صدقته. والعلم عند الله تعالى.

الفرع الخامس: اعلم أنه لا يصح إقرار المكره، فلو أكره الرجل بالضرب، أو غيره من أنواع التعذيب ليقر بالزنا فأقر به مكرهًا لم يلزمه إقراره به، فلا يحد ولا يثبت عليه الزنا، ولا نعلم من أهل العلم من خالف في هذا. والعلم عند الله تعالى.