للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وحدُّه للزنا والقذف معًا هو الظاهر، لوجهين:

الأول: أن غاية ما في حديث سهل: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحد ذلك الرجل للقذف وذلك لا ينتهض للاستدلال به على المسقوط، لاحتمال أن يكون ذلك لعدم الطلب من المرأة، أو لوجود مسقط. إلى أن قال:

الوجه الثاني: أن ظاهر القذف العموم فلا يخرج من ذلك إلَّا ما خرج بدليل، وقد صدق على كل من كان كذلك أنه قاذف. اهـ منه. وهو الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه، وكذلك ما جاء في بعض روايات حديث ماعز بن مالك أنه عين الجارية التي زنا بها، ولم يحده النبي - صلى الله عليه وسلم - لقذفها، بل حده للزنا فقط، فإن ترك حده له يوجه بما قدمنا قريبًا.

وعلى كل حال فمن قال: زنيت بفلانة فلا شك أنه مقر على نفسه بالزنا، وقاذف لها هي به، وظاهر النصوص مؤاخذته بإقراره على نفسه، وحده أيضًا حد القذف، لأنه قاذف بلا شك كما ترى.

ومما يؤيد هذا المذهب ما رواه أبو داود في سننه: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا موسى بن هارون البردي، ثنا هشام بن يوسف، عن القاسم بن فياض الأبناوي، عن خلاد بن عبد الرحمن، عن ابن المسيب، عن ابن عباس: أن رجلًا من بني بكر بن ليث أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرات، فجلده مائة، وكان بكرًا، ثم سأله البينة على المرأة، فقالت: كذب واللَّه يا رسول الله ( - صلى الله عليه وسلم - ) فجلده حد الفرية ثمانين. اهـ منه.