للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الرجم لم ينسخ لأمر بجلد ماعز مع الرجم، ولو أمر به لنقله بعض رواة القصة، قالوا: وقصة ماعز متأخرة عن حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي فيه التصريح بالجمع بينهما.

والدليل على أن حديث عبادة متقدم، وأنه أول نص نزل في حد الزنا أن قوله - صلى الله عليه وسلم - فيه: "خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلًا" الحديث. يشير بجعل الله لهن سبيلًا بالحد إلى قوله تعالى {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (١٥)} فالزواني كن محبوسات في البيوت إلى أحد أمرين: وهما الموت، أو جعل الله لهن سبيلًا، فلما قال - صلى الله عليه وسلم - : "قد جعل الله لهن سبيلًا" ثم فسر السبيل بحد الزنا علمنا بذلك أن حديث عبادة أول نص في حد الزنا، وأن قصة ماعز متأخرة عن ذلك.

ومن أدلتهم: أنه رجم الغامدية كما تقدم، ولم يقل أحد: إنه جلدها، ولو جلدها مع الرجم لنقل ذلك بعض الرواة.

ومن أدلتهم: أنه قال - صلى الله عليه وسلم - : "واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها"، ولم يقل: فاجلدها مع الرجم، فدل ذلك على سقوط الجلد؛ لأنه لو وقع لنقله بعض الرواة. وهذه الوقائع كلها متأخرة عن حديث عبادة بن الصامت، كما أشرنا إلى ما يقتضي ذلك آنفًا.

ومن أدلتهم على أنه يرجم فقط، ولا يجلد مع الرجم: الروايات الصحيحة التي قدمناها في رجمه - صلى الله عليه وسلم - للمرأة الجهنية، والغامدية، فإنها كلها مقتصرة على الرجم، ولم يذكر فيها جلد.