للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابن حزم عن أبي بن كعب. زاد ابن حزم: وأبي ذر. وابن عبد البر: عن مسروق. انتهى.

وإذا عرفت أقوال أهل العلم في هذه المسألة وحججهم، فاعلم أن كل طائفة منهم ترجح قولها على قول الأخرى.

أما الذين قالوا: يجمع بين الجلد والرجم للمحصن، فقد قالوا: هذا القول هو أرجح الأقوال، ولا ينبغي العدول عنه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صرح في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن المحصن يجلد، ويرجم بالحجارة. فهو حديث صحيح صريح في محل النزاع، فلا يعارض بعدم ذكر الجلد في قصة ماعز، والجهنية، والغامدية، واليهوديين. لأن ما صرح به النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يعدل عنه بأمر محتمل، ويجوز أن يكون الجلد وقع لماعز ومن ذكر معه ولم يذكره الرواة؛ لأن عدم ذكره لا يدل دلالة قطعية على عدم وقوعه، لأن الراوي قد يتركه لظهوره، وأنه معروف عند الناس جلد الزاني.

قالوا: والمحصن داخل قطعًا في عموم {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} وهذا العموم القرآني لا يجوز العدول عنه إلَّا بدليل يجب الرجوع إليه، وعدم ذكر الجلد مع الرجم لا يعارض الأدلة الصريحة من القرآن، والسنَّة الصحيحة.

قالوا: وعمل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه به بعد وفاته - صلى الله عليه وسلم - دليل على أنه لم ينسخ، ولم يعلم أن أحدًا من الصحابة أنكر عليه ذلك.

ولا تخفى قوة هذا الاستدلال الذي استدل به أهل هذا القول.

وأما الذين قالوا بأن المحصن يرجم فقط ولا يجلد، فقد