وأما من قال بالتخيير فظاهر. وأما من فرَّق بين الرجل والمرأة، فيحمل رواية الحفر لماعز على أنه لبيان الجواز. وهذا تأويل ضعيف.
ومما احتج به من ترك الحفر حديث اليهوديين المذكور بعد هذا، وقوله: جعل يجنأ عليها. ولو حفر لهما لم يجنأ عليها.
واحتجوا أيضًا بقوله في حديث ماعز: فلما أذلقته الحجارة هرب. وهذا ظاهر في أنه لم تكن حفرة واللَّه أعلم. انتهى كلام النووي.
وقد ذكر فيه أقوال أهل العلم في المسألة، وبين حججهم، وناقشها، وقد ذكر في كلامه أن المشهور عن أبي حنيفة عدم الحفر للرجل والمرأة. والظاهر أن المشهور عند الحنفية الحفر للمرأة دون الرجل، وأنه لو ترك الحفر لهما معًا فلا بأس.
قال صاحب كنز الدقائق في الفقه الحنفي: ويحفر لها في الرجم لا له. وقال شارحه في تبيين الحقائق: ولا بأس بترك الحفر لهما، لأنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر بذلك. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني في الفقه الحنبلي: وإن كان الزاني رجلًا أقيم قائمًا، ولم يوثق بشيء، ولم يحفر له سواء ثبت الزنا ببينة أو إقرار، لا نعلم فيه خلافًا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحفر لماعز.
قال أبو سعيد: لما أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجم ماعز، خرجنا به إلى البقيع فواللَّه ما حفرنا له، ولا أوثقناه، ولكنه قام لنا. رواه أبو داود، ولأن الحفر له ودفن بعضه عقوبة لم يرد بها الشرع في حقه، فوجب ألا تثبت. وإن كان امرأة فظاهر كلام أحمد أنها لا يحفر