للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها أيضًا، وهو الذي ذكره القاضي في الخلاف، وذكر في المحرر أنه إن ثبت الحد بالإِقرار لم يحفر لها، وإن ثبت بالبينة حفر لها إلى الصدر.

قال أبو الخطاب: وهذا أصح عندي، وهو قول أصحاب الشافعي؛ لما روى أبو بكر، وبريدة "أن للنبي - صلى الله عليه وسلم - رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة" رواه أبو داود، ولأنه أستر لها، ولا حاجة لتمكينها من الهرب لكون الحد ثبت بالبينة، فلا يسقط بفعل من جهتها، بخلاف الثابت بالإِقرار، فإنها تترك على حال لو أرادت الهرب تمكنت منه؛ لأن رجوعها عن إقرارها مقبول.

ولنا أن أكثر الأحاديث على ترك الحفر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحفر للجهنية، ولا لماعز، ولا لليهوديين. والحديث الذي احتجوا به غير معمول به، ولا يقولون به، فإن التي نقل عنه الحفر لها ثبت حدها بإقرارها، ولا خلاف بيننا فيها، فلا يسوغ لهم الاحتجاج به مع مخالفتهم له. إذا ثبت هذا فإن ثياب المرأة تشد عليها كيلا تنكشف، وقد روى أبو داود بإسناده عن عمران بن حصين قال: فأمر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - فشدت عليها ثيابها، ولأن ذلك أستر لها. اهـ من المغني.

وقد علمت مما ذكرنا أقوال أهل العلم وأدلتهم في مسألة الحفر للمرجوم من الرجال والنساء.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أقوى الأقوال المذكورة دليلًا بحسب صناعة أصول الفقه، وعلم الحديث أن المرجوم يحفر له مطلقًا ذكرًا كان أو أنثى، ثبت زناه ببينة، أو بإقرار. ووجه ذلك أن قول أبي سعيد في صحيح مسلم: فما أوثقناه ولا حفرنا له يقدم عليه ما رواه مسلم في صحيحه من حديث بريدة، بلفظ: فلما كان الرابعة