للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حفر له حفرة، ثم أمر به فرجم. اهـ. وهو نص صحيح صريح في أن ماعزًا حفر له.

وظاهر الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الحافر له، أي: بأمره بذلك، فبريدة مثبت للحفر، وأبو سعيد نافٍ له، والمقرر في الأصول وعلم الحديث أن المثبت مقدم على النافي. وتعتضد رواية بريدة هذه بالحفر لماعز بروايته أيضًا في صحيح مسلم بنفس الإِسناد "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالحفر للغامدية إلى صدرها" وهذا نص صحيح صريح في الحفر للذكر والأنثى معًا، أما الأنثى فلم يرد ما يعارض هذه الرواية الصحيحة بالحفر لها إلى صدرها، وأما الرجل فرواية الحفر له الثابتة في صحيح مسلم مقدمة على الرواية الأخرى في صحيح مسلم بعدم الحفر؛ لأن المثبت مقدم على النافي.

وقول ابن قدامة في المغني: والحديث الذي احتجوا به غير معمول به ظاهر السقوط؛ لأنه حديث صحيح وليس بمنسوخ، فلا وجه لترك العمل به مع ثبوته عنه - صلى الله عليه وسلم - كما ترى. وبالرواية الصحيحة التي في صحيح مسلم من حديث بريدة "أنه - صلى الله عليه وسلم - حفر للغامدية" وزناها ثابت بإقرارها، لا ببينة تعلم أن الذين نفوا الحفر لمن ثبت زناها بإقرارها مخالفون لصريح النص الصحيح بلا مستند كما ترى. والعلم عند الله تعالى.

الفرع الرابع: اعلم أن أهل العلم اختلفوا فيمن يبدأ بالرجم فقال بعضهم: إن كان الزنا ثابتًا ببينة، فالسنَّة أن يبدأ الشهود بالرجم، وإن كان ثبت بإقرار بدأ به الإِمام، أو الحاكم إن كان ثبت عنده، ثم يرجم الناس بعده. وهذا مذهب أبي حنيفة، وأحمد، ومن وافقهما. واستدلوا لبداءة الشهود، وبداءة الإِمام بما ذكره ابن قدامة