عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام" الحديث. وفيه التصريح من النبي - صلى الله عليه وسلم - برواية صحابيين جليلين أنه أقسم ليقضين بينهما بكتاب الله، ثم صرح بأن من ذلك القضاء بكتاب الله جلدُ ذلك الزاني البكر مائة وتغريبه عامًا. وهذا أصح نص وأصرحه في محل النزاع.
ومن ذلك ما أخرجه مسلم في صحيحه وغيره، وهو حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي قدمناه، وفيه: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة. وهو أيضًا نص صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في محل النزاع.
واحتج الحنفية ومن وافقهم من الكوفيين على عدم التغريب بأدلة:
منها: أن التغريب سنة زيادة على قوله تعالى: {فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} والمقرر في أصول الحفنية هو أن الزيادة على النص نسخ له، وإذا كانت زيادة التغريب على الجلد في الآية تعتبر نسخًا للآية فهم يقولون: إن الآية متواترة، وأحاديث التغريب أخبار آحاد. والمتواتر عندهم لا ينسخ بالآحاد، وقد قدمنا في مواضع من هذا الكتاب المبارك أن كلا الأمرين ليس بمسلم.
أما الأول منهما، وهو أن كل زيادة على النص فهي ناسخة له ليس بصحيح؛ لأن الزيادة على النص لا تكون ناسخة له على التحقيق إلَّا إن كانت مثبتة شيئًا قد نفاه النص، أو نافية شيئًا أثبته النص، أما إذا كانت زيادة شيء سكت عنه النص السابق، ولم يتعرض لنفيه، ولا لإِثباته فالزيادة حينئذ إنما هي رافعة للبراءة الأصلية المعروفة في الأصول بالإباحة العقلية، وهي بعينها استصحاب العدم الأصلي،