للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعدمه؛ ولم يعلم هل هو قبل حديث الإِقسام بأن الجمع بينهما قضاء بكتاب الله أو بعده؟ فعلى أن المتأخر الإِقسام المذكور فالأمر واضح؛ وعلى تقدير أن الإِقسام هو المتقدم، فذلك التصريح بأن الجمع بينهما قضاء بكتاب الله مع الإِقسام على ذلك لا يصح رفعه بمحتمل، ولو تكررت الروايات به تكررًا كثيرًا، وعلى أنه لا يعرف المتقدم منهما كما هو الحق، فالحديث المتفق عليه عن صحابيين جليلين هما: أبو هريرة، وزيد بن خالد الجهني الذي فيه الإِقسام بأن الجمع بينهما قضاء بكتاب الله لا شك في تقديمه على حديث أبي داود الذي هو دونه في السند والمتن، أما كونه في السند: فظاهر، وأما كونه في المتن: فلأن حديث أبي داود ليس فيه التصريح بنفي التغريب، والصريح مقدم على غير الصريح كما هو معروف في الأصول. وبه تعلم أن الأصح الذي لا ينبغي العدول عنه جمع الجلد والتغريب.

وأما الاستدلال بحديث الأمة فليس بوجيه؛ لاختلاف الأمة والأحرار في أحكام الحد، فهي تجلد خمسين ولو محصنة، ولا ترجم، والأحرار بخلاف ذلك، فأحكام الأحرار والعبيد في الحدود قد تختلف.

وقد بينت آية النساء اختلاف الحرة والأمة في حكم حد الزنا من جهتين:

إحداهما: أنها صرحت بأنها إن كانت محصنة، فعليها الجلد لا الرجم.

والثانية: أن عليها نصفه، وذلك في قوله: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ}، فتأمل