للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أدلتهم على عدم التغريب حديث سهل بن سعد الساعدي عند أبي داود وقد قدمناه أن رجلًا أقر عنده - صلى الله عليه وسلم - أنه زنى بامرأة سماها فأنكرت أن تكون زنت؛ فجلده الحد؛ وتركها. وما رواه أبو داود أيضًا عن ابن عباس: أن رجلًا من بكر بن ليث أقر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه زنى بامرأة أربع مرات؛ وكان بكرًا فجلده النبي - صلى الله عليه وسلم - مائة، وسأله - صلى الله عليه وسلم - البينة على المرأة إذا كذبته، فلم يأت بها؛ فجلده حد الفرية ثمانين جلدة؛ قالوا: ولو كان التغريب واجبًا لما أخل به النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ومن أدلتهم أيضًا: الحديث الصحيح "إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها" الحديث، وهو متفق عليه. ولم يذكر فيه التغريب مع الجلد، فدل ذلك على أن التغريب منسوخ. وهذا الاستدلال لا ينهض لمعارضة النصوص الصحيحة الصريحة التي فيها إقسامه - صلى الله عليه وسلم - أن الجمع بين جلد البكر، ونفيه سنة قضاء منه - صلى الله عليه وسلم - بكتاب الله.

وإيضاح ذلك: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقسم أن الجمع بين الجلد والتغريب قضاء بكتاب الله، وهذا النص الصحيح بالغ من الصراحة في محل النزاع ما لم يبلغه شيء آخر يعارض به.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو المبين، وقد أقسم أن الجمع بين الجلد والتغريب قضاء بكتاب الله. قال: وخطب بذلك عمر رضي الله عنه على رؤوس المنابر؛ وعمل به الخلفاء الراشدون؛ ولم ينكره أحد فكان إجماعًا. اهـ منه.

وذكر مرجحات أخرى متعددة لوجوب التغريب.

والحاصل: أن حديث أبي داود الذي استدلوا به من حديث سهل بن سعد، وابن عباس ليس فيه ذكر التغريب؛ ولا التصريح