وقد قدمنا أن الصحيح هو دخولهم في عموم النصوص إلَّا ما أخرجهم منه دليل، واعتمده صاحب مراقي السعود بقوله:
والعبد والموجود والذي كفر ... مشمولة له لدى ذوي النظر
وإخراجهم هنا من نصوص التغريب؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بجلد الأمة الزانية وبيعها، ولم يذكر تغريبها؛ ولأنهم مال، وفي تغريبهم إضرار بالمالك. وفي الحديث "لا ضرر ولا ضرار" والعلم عند الله تعالى.
تنبيه
أظهو القولين عندي: أنه لا بد في التغريب من مسافة تقصر فيها الصلاة؛ لأنه فيما دونها له حكم الحاضر بالبلد الذي زنى فيه.
وأظهر القولين أيضًا عندي أن المغرب لا يسجن في محل تغريبه؛ لأن السجن عقوبة زائدة على التغريب، فتحتاج إلى دليل، ولا دليل عليها. والعلم عند الله تعالى. والأظهر أن الغريب إذا زنى غرب من محل زناه إلى محل آخر غير وطنه الأصلي.
المسألة السادسة: اعلم أن من أقر بأنه أصاب أحدًا، ولم يعين ذلك الحد، فإنه لا يجب عليه الحد، لعدم التعيين، وهذا لا ينبغي أن يختلف فيه، لما ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه قال:"كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فجاءه رجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقمه عليّ، قال: ولم يسأله عنه، قال: وحضرت الصلاة فصلَّى مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلاة، قام إليه الرجل فقال: يا رسول الله إني أصبت حدًا فأقم فيّ كتاب الله، قال: أليس صليت معنا؟ قال: نعم. قال: فإن الله قد غفر لك ذنبك، أو قال: حدك" هذا لفظ البخاري في صحيحه. والحديث متفق عليه. ولمسلم